عن ( الصُم ) في السودان
(( ما أن ابتعد قليلاً ، حتى فكر بأن الكوخ قد شيّد
بأيدي شخصين أحدهما يتكلم العربية، والآخر يتكلم الأسبانية ومع ذلك فإن
هذين الشخصين تفاهما على نحو رائع. وقال في نفسه : " ثمة لغة تتخطى الكلمات
، وقد مررت مسبقا ، بهذه التجربة ذاتها مع البشر ، فهو إذن بصدد تعلم
أشياء جديدة متنوعة ، أشياء سبق له أن اختبرها وصادفها في طريقه ، لكنه لم
ينتبه إلى وجودها، لأنه تعود رؤيتها، وهي على ذلك جديدة. فقال في نفسه: "
إذا تعلمت فك رموز تلك اللغة التي تتخطى الكلمات ، فسوف أتوصل إلى فك رموز
تلك اللغة التي تتخطى الكلمات، فسوف أتوصل إلى فك رموز العالم )).
( باولو كويلو - الخيميائي . ص 57)
خاطرة:
" أفتكر إنو ربنا سبحانه وتعالى خلق اللغة عشان نتواصل بيها .. يعني اللغة ما هي غرض في زاتا .. يعني اللغة بس ماعون لنقل الأفكار والمعلومات .. التحية للشابين الأنا مغزوز في نصهم في المواصلات وهم بتكلمو بلغة الصم والبكم لأنهم في ونستهم الشيقة دي ألهموني بالخاطرة دي .. أنا حاسي إنو لازم في يوم من الأيام أتعلم اللغة دي عشان أقدر اتواصل بيها معهم "
كانت تلك خاطرتي التي ودت نشرها عبر حسابي بإنستغرام والذي سينقل المادة تلقائياً لحسابي بتويتر فحسابي بفيسبوك، غير أن ( مهلمتي ) أشارت علي بأن أكمل هذه الخاطرة لتصبح مقالاً فأعجبتني نصيحها .. وقد كان.
لغة الإشارة :
يرى موقع ويكبيديا أن لغة الإشارة ظهرت للوجود منذ أن (( تواجدَ الصمُّ في العالمِ, حيثُ بدأتْ لغةُ الاشارةِ في القرنِ السابعِ عشرَ في إسبانيا (مدريد في العام 1620م)، نشرَ (جوان بابلو بونيتت) مقالةً بالإسبانيةِ بعنوانِ (اختصارُ الرسائلِ والفنِّ لتعليمِ البكمِ الكلامَ), فاعتُبرَ هذا أولُ وسيلةٍ للتعاملِ معَ علمِ الأصواتِ, ومعالجةِ صعوباتِ النطقِ. كما أنها أصبحتْ وسيلةً للتعليمِ الشفهيِّ للأطفالِ الصمِّ بحركاتِ الأيديَ، والتي تمثلُ أشكالَ الأحرفِ الأبجديةِ؛ لِتسهيلِ التواصلِ معَ الآخرينَ. ومنْ خلالِ أبجدياتِ (بونيت)؛ قامَ الأطفالُ الصمُّ في مدرسةِ (تشارلز ميشيل ديليبي) باستعارةِ تلكَ الأحرفِ, وتكييفها بما يعرفُ الآنَ دليلُ الأبجديةِ الفرنسيةِ للصمِّ, وقدْ نُشرَ دليلُ الأبجديةِ الفرنسيةِ في القرنِ الثامنِ عشرَ، ثمِّ وصلَ حتى زمننا الحاضرِ بدونِ تغييرٍ. لقدْ استُخدمتْ لغةُ الإشارةِ الموحدةِ في تعليمِ الصمِّ في إسبانيا وإيطاليا منذُ القرنِ السابعَ عشرَ, وفي فرنسا منذُ القرنِ الثامنَ عشرَ, استُخدمتْ لغةُ الإشارةِ الفرنسيةِ القديمةِ في مجتمعاتِ الصمِّ في باريسَ قبلَ فترةٍ طويلةٍ منْ قدومِ (آبي تشارلز ديليبي), الذي بدأَ بتدريسِ الصمِّ, ومعَ ذلكَ فإنِّهُ قدْ تعلمَ اللغةَ منَ الصمِّ الموجودينَ هناك, ثمَّ قامَ بإدخالِ واعتمادِ لغةِ الإشارةِ الفرنسيةِ التي تعلمها وعدلها في مدرستهِ, فظهرتْ على غرارِ لغةِ الإشارةِ الطبيعيةِ, والتي تستخدمُ في ثقافاتِ الصمِّ في منطقتِهمُ الأصليةِ، وغالبًا معَ إضافاتٍ لإظهارِ جوانبَ نحويةٍ للغةِ الشفويةِ المحليةِ. وفي العامِ 1755م أنشأَ آبي أولَ مدرسةٍ عامةٍ للأطفالِ الصمِّ في باريسَ, استندتْ دروسُه على ملاحظاتِه للصمِّ وهمْ يؤشرونَ بأيديهمْ في شوارعِ باريسَ, معَ القواعدَ الفرنسيةِ، حتى تطورتْ لتصبحَ لغةَ إشارةٍ فرنسيةٍ. توجهَ (لورانت كليرك - خريج ومدرس سابق في باريس) برفقةِ (توماس هوبكنز قالودينت) للولاياتِ المتحدةِ لإنشاءِ مدرسةٍ أمريكيةٍ للصمِّ في مدينةِ هاردفوردٍ. وقدْ أُنشأتِ المدرسةُ الثامنةَ عشرةَ للصمِّ في هاردفوردٍ في ولايةِ كونيتيكتِ، وتلتها مدارسُ أخرى. وفي 1817م أنشأَ ايضًا كليرك وقالودينت مقرًا تعليميًّا أمريكيًّا للصمِّ والبكمِ، تلكَ التي يطلقُ عليها حاليًا المدرسةُ الأمريكيةُ للصمِّ. ثمَّ في عامِ 1864م تأسستْ كليةٌ للصمِّ في مدينةِ واشنطون. وتمتْ الموافقةُ عليها فعليًا, وتمكينها منْ قِبلِ الرئيسِ (ابراهام لينكون) فأطلقَ عليها: (كليةُ الصمِّ و البكمِ الوطنيةِ)، وغيِّرَ مسماها في 1894م إلى (كليةِ قالودينت)، ومن ثم (جامعة قالودينت) في العامِ 1986م )). ( ويكبيديا : لغة الإشارة )
حديث الأرقام :
رغم أن موقع ويكبيديا يشير إلى أن (( الجمعية القومية السودانية لرعاية وتاهيل الصم إحدى أقدم الجمعيات الطوعية لرعاية وتأهيل الصم في السودان والوطن العربي، تأسست في البدء تحت اسم جمعية الأمل عام 1969 بواسطة الدكتور طه طلعت أخصائي طب الأنف والأذن والحنجرة، وانبثق من هذه الجمعية أول تجربة لمسرح الصم برعاية المسرحي والمخرج السوداني عبد الحكيم الطاهر. )) ( ويكبيديا: لغة الإشارة ).
غير أن نقيب الأطباء السودانيين السابق ومؤسس الجمعية القومية السودانية لرعاية الصُم : بروفسير طه طلعت في حوار له مع صحيفة ( آخر لحظة السودانية ) يرى أن (( نشأت الفكرة سنة 1968 عبرت عن نفسها في ورقة أسباب الصم في السودان ووسائل التصدي لها وبشرت لها، ثم اطرت نفسها سنة 1969 قاموا بصياغة أهدافها ووسائل عملها وتسميتها بالجمعية القومية السودانية لرعاية الصم، وفي نظام أساس تقدمت به سنة 1970 مع طلب لتسجيلها وفق قانون تسجيل الجمعيات لسنة 1957 لمسجل الجمعيات، وقد بدأت الجمعية بتنفيذ خطواتها المدروسة أول مدرسة لتعليم الصم في 17 مارس 1971م. )) ( آخر لحظة داخل الجمعية القومية السودانية لرعاية الصُم).
ويشير في موضع آخر بذات الحوار بأن نسبة الصُم في السودان تصل إلى (( حوالي 3 ملايين نسمة فما فوق تقريباً 65% غير متعلمين لعدم توفير المراكز الكافية في السودان وعدم تعيين معلمين من وزارات التعليم )).
هموم في بلد الهموم :
بتاريخ 26 يونيو 1998م ظهر لي أول مقال منشور بصحيفة ( الرأي الآخر ) بداخل عامود ( صدى ) للأستاذة آمال عباس وكان حول واقع المبدعين في السودان والتجاهل الحكومي المتعمد وذكرت على سبيل المثال حال شاعر الشعب محجوب شريف وتطرقت لحال الشاعر المرهف: محجوب سراج.
هل لي أن استلف عنوان أول مقال منشور لي ولأنقل تحته بعد من هموم هذه الفئة بالسودان حيث يشير بروفسير طه طلعت في ذات الحوار الذي أدارته مع صحيفة ( آخر لحظة ) إلى (( عدم مراكز تأهيل وتطوير مناهج التوظيف، عدم مترجمين كافين للتواصل في بعض الجهات، الاعفاءات والتسهيلات غير واضحة، نشر ثقافة الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة، ومعاناة في عدم الترحيلات الثابتة، الدعم المعيشي لأصحاب الأعمال الهامشية، عدم توفير المراكز الكافية، عدم تعيين معلمين من وزارة التعليم )). ( آخر لحظة: الحوار ).
أسئلة ليست للإجابة :
العنوان الجانبي هذا هو عنوان قصيدة للشاعر المسرحي ( يحي فضل الله ) قام بتلحين كلماتها وغنائها الموسيقار ( مصطفى سيد أحمد ) تذكرت عنوانها عندما انتهيت لهذه الكلمات في حوار صحيفة ( آخر لحظة ) مع نقيب الأطباء السودانيين السابق ومؤسس الجمعية القومية السودانية لرعاية الصُم (( هل سيتكلمون؟ هل سيتعلمون؟ هل سيعملون؟ هل سيتزوجون؟ لم تكن هناك أية إجابات لهذه الأسئلة المؤلمة إذن لم يكن هناك أي شيء تقدمه الدولة أو المجتمع للصم أطفالاً وكباراً )). (آخر لحظة : الحوار).
حكاية الحي الاسطنابولي:
بموقع يوتيوب زيل فيديو منشور بتاريخ 16 مارس 2015م بهذه الكلمات " ( محرم) شاب أصم يعيش في أسطنبول، صبيحة أحد الأيام فوجئ بالناس في الحي يحدثونه بلغة الإشارة. حيث قرر سكان الحى تعلم لغة الإشارة سرًا لمفاجأة الشاب وحتى لا يشعر بصعوبة في التواصل، وتوجهوا لمركز أنشأته (سامسونج) لتعلم لغة الإشارة وقضوا شهرًا في التعلم. وضعت سامسونج الكاميرات لتصوير أول يوم يفاجئ فيه السكان الشاب الذي لم يستطع تمالك نفسه وأنخرط في البكاء " ( يوتيوب : الفيديو ).
حلم :
وبعد ...
قديماً قيل أن الأعمى مفارق الدنيا بينما الأصم هو مفارق الجماعة. وحتى لا يحدث هذا الفراق القصري، أحلم بأحياء سودانية تتعلم طواعية ( لغة الإشارة ) لتآزر مواطنها ( محرم ) السوداني ومواطنتها ( محرمة ) السودانية – إن جاز لي التعبير – على غرار ما حدث في ذلك الحي الإسطانبولي.
وأحلم أن يكون كاتب هذه السطور من بين أولئك الذين سيتلقون تعليماً متقدماً في لغة الإشارة لعلنا نبني معاً جسراً من التواصل الاجتماعي كذلك المشهد الذي رأيته في ختام فيلم إلقاء اللوم على فيديل (La faute à Fidel ) والذي (( .. بدأ بدخول ( آن ) للمدرسة الجديدة وهي تحس بالغربة وسط صخب ممزوج بالفرح لأطفال من الجنسين، وقد شرعوا في اللعب داخل باحة المدرسة، والحقائب الصغيرة تحملها اكتافهم الغضة تتأرجح مع تتدافعهم وهو يتفادون الاصطدام بالوافدة الجديدة ( آن ) التي كانت تبتعد عنهم متفادية الاصطدم. حتى صارت دون أن تقصد بالقرب منها حلقة من الايدي المتماسكة لأطفال في مثل سنها أو أقل وربما أكبر بقليل. وكانت هي العقبة في اكتمال الحلقة ولأن الحلقة كان ينقصها شخص أخير لتكتمل. مدت يدان صغيرتان عن يمينها وعن شمالها لتمسك بها. ترددت ( آن ) قليلاً قبل ان تمسك باليدين وتبدأ الحلقة المكتملة في الدوران وسط ضحك طفولي جميل. ومن ثم جاء ( تتر ) الفيلم كستارة اسدلت على مشاهد الفيلم. )) (( الحوار المتمدن مقال: عن ابنة الأسرة الشيوعية .. عرض لفيلم : إلقاء اللوم على فيديل (La faute à Fidel)
حاشية:
1 . موقع ويكبيديا : لغة الإشارة: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9
2. موقع صحيفة آخر لحظة السودانية: آخر لحظة داخل الجمعية القومية السودانية لرعاية الصم: http://akhirlahza.info/akhir/index.php/joomla-overview/49342-2015-04-06-12-00-11.html
3. موقع اليويتوب: فديو رائع : حي بالكامل في تركيا يتعلم لغة الإشارة لمفاجأة جارهم الأصم , والشاب لا يتمالك دموعه : https://www.youtube.com/watch?v=RwmisCZkbnU
4. موقع الحوار المتمدن: عن ابنة الأسرة الشيوعية..عرض لفيلم: إلقاء اللوم على فيديل (La faute à Fidel ) : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=462843
مزمل الباقر
أمدرمان في 25 أبريل 2016م
( باولو كويلو - الخيميائي . ص 57)
خاطرة:
" أفتكر إنو ربنا سبحانه وتعالى خلق اللغة عشان نتواصل بيها .. يعني اللغة ما هي غرض في زاتا .. يعني اللغة بس ماعون لنقل الأفكار والمعلومات .. التحية للشابين الأنا مغزوز في نصهم في المواصلات وهم بتكلمو بلغة الصم والبكم لأنهم في ونستهم الشيقة دي ألهموني بالخاطرة دي .. أنا حاسي إنو لازم في يوم من الأيام أتعلم اللغة دي عشان أقدر اتواصل بيها معهم "
كانت تلك خاطرتي التي ودت نشرها عبر حسابي بإنستغرام والذي سينقل المادة تلقائياً لحسابي بتويتر فحسابي بفيسبوك، غير أن ( مهلمتي ) أشارت علي بأن أكمل هذه الخاطرة لتصبح مقالاً فأعجبتني نصيحها .. وقد كان.
لغة الإشارة :
يرى موقع ويكبيديا أن لغة الإشارة ظهرت للوجود منذ أن (( تواجدَ الصمُّ في العالمِ, حيثُ بدأتْ لغةُ الاشارةِ في القرنِ السابعِ عشرَ في إسبانيا (مدريد في العام 1620م)، نشرَ (جوان بابلو بونيتت) مقالةً بالإسبانيةِ بعنوانِ (اختصارُ الرسائلِ والفنِّ لتعليمِ البكمِ الكلامَ), فاعتُبرَ هذا أولُ وسيلةٍ للتعاملِ معَ علمِ الأصواتِ, ومعالجةِ صعوباتِ النطقِ. كما أنها أصبحتْ وسيلةً للتعليمِ الشفهيِّ للأطفالِ الصمِّ بحركاتِ الأيديَ، والتي تمثلُ أشكالَ الأحرفِ الأبجديةِ؛ لِتسهيلِ التواصلِ معَ الآخرينَ. ومنْ خلالِ أبجدياتِ (بونيت)؛ قامَ الأطفالُ الصمُّ في مدرسةِ (تشارلز ميشيل ديليبي) باستعارةِ تلكَ الأحرفِ, وتكييفها بما يعرفُ الآنَ دليلُ الأبجديةِ الفرنسيةِ للصمِّ, وقدْ نُشرَ دليلُ الأبجديةِ الفرنسيةِ في القرنِ الثامنِ عشرَ، ثمِّ وصلَ حتى زمننا الحاضرِ بدونِ تغييرٍ. لقدْ استُخدمتْ لغةُ الإشارةِ الموحدةِ في تعليمِ الصمِّ في إسبانيا وإيطاليا منذُ القرنِ السابعَ عشرَ, وفي فرنسا منذُ القرنِ الثامنَ عشرَ, استُخدمتْ لغةُ الإشارةِ الفرنسيةِ القديمةِ في مجتمعاتِ الصمِّ في باريسَ قبلَ فترةٍ طويلةٍ منْ قدومِ (آبي تشارلز ديليبي), الذي بدأَ بتدريسِ الصمِّ, ومعَ ذلكَ فإنِّهُ قدْ تعلمَ اللغةَ منَ الصمِّ الموجودينَ هناك, ثمَّ قامَ بإدخالِ واعتمادِ لغةِ الإشارةِ الفرنسيةِ التي تعلمها وعدلها في مدرستهِ, فظهرتْ على غرارِ لغةِ الإشارةِ الطبيعيةِ, والتي تستخدمُ في ثقافاتِ الصمِّ في منطقتِهمُ الأصليةِ، وغالبًا معَ إضافاتٍ لإظهارِ جوانبَ نحويةٍ للغةِ الشفويةِ المحليةِ. وفي العامِ 1755م أنشأَ آبي أولَ مدرسةٍ عامةٍ للأطفالِ الصمِّ في باريسَ, استندتْ دروسُه على ملاحظاتِه للصمِّ وهمْ يؤشرونَ بأيديهمْ في شوارعِ باريسَ, معَ القواعدَ الفرنسيةِ، حتى تطورتْ لتصبحَ لغةَ إشارةٍ فرنسيةٍ. توجهَ (لورانت كليرك - خريج ومدرس سابق في باريس) برفقةِ (توماس هوبكنز قالودينت) للولاياتِ المتحدةِ لإنشاءِ مدرسةٍ أمريكيةٍ للصمِّ في مدينةِ هاردفوردٍ. وقدْ أُنشأتِ المدرسةُ الثامنةَ عشرةَ للصمِّ في هاردفوردٍ في ولايةِ كونيتيكتِ، وتلتها مدارسُ أخرى. وفي 1817م أنشأَ ايضًا كليرك وقالودينت مقرًا تعليميًّا أمريكيًّا للصمِّ والبكمِ، تلكَ التي يطلقُ عليها حاليًا المدرسةُ الأمريكيةُ للصمِّ. ثمَّ في عامِ 1864م تأسستْ كليةٌ للصمِّ في مدينةِ واشنطون. وتمتْ الموافقةُ عليها فعليًا, وتمكينها منْ قِبلِ الرئيسِ (ابراهام لينكون) فأطلقَ عليها: (كليةُ الصمِّ و البكمِ الوطنيةِ)، وغيِّرَ مسماها في 1894م إلى (كليةِ قالودينت)، ومن ثم (جامعة قالودينت) في العامِ 1986م )). ( ويكبيديا : لغة الإشارة )
حديث الأرقام :
رغم أن موقع ويكبيديا يشير إلى أن (( الجمعية القومية السودانية لرعاية وتاهيل الصم إحدى أقدم الجمعيات الطوعية لرعاية وتأهيل الصم في السودان والوطن العربي، تأسست في البدء تحت اسم جمعية الأمل عام 1969 بواسطة الدكتور طه طلعت أخصائي طب الأنف والأذن والحنجرة، وانبثق من هذه الجمعية أول تجربة لمسرح الصم برعاية المسرحي والمخرج السوداني عبد الحكيم الطاهر. )) ( ويكبيديا: لغة الإشارة ).
غير أن نقيب الأطباء السودانيين السابق ومؤسس الجمعية القومية السودانية لرعاية الصُم : بروفسير طه طلعت في حوار له مع صحيفة ( آخر لحظة السودانية ) يرى أن (( نشأت الفكرة سنة 1968 عبرت عن نفسها في ورقة أسباب الصم في السودان ووسائل التصدي لها وبشرت لها، ثم اطرت نفسها سنة 1969 قاموا بصياغة أهدافها ووسائل عملها وتسميتها بالجمعية القومية السودانية لرعاية الصم، وفي نظام أساس تقدمت به سنة 1970 مع طلب لتسجيلها وفق قانون تسجيل الجمعيات لسنة 1957 لمسجل الجمعيات، وقد بدأت الجمعية بتنفيذ خطواتها المدروسة أول مدرسة لتعليم الصم في 17 مارس 1971م. )) ( آخر لحظة داخل الجمعية القومية السودانية لرعاية الصُم).
ويشير في موضع آخر بذات الحوار بأن نسبة الصُم في السودان تصل إلى (( حوالي 3 ملايين نسمة فما فوق تقريباً 65% غير متعلمين لعدم توفير المراكز الكافية في السودان وعدم تعيين معلمين من وزارات التعليم )).
هموم في بلد الهموم :
بتاريخ 26 يونيو 1998م ظهر لي أول مقال منشور بصحيفة ( الرأي الآخر ) بداخل عامود ( صدى ) للأستاذة آمال عباس وكان حول واقع المبدعين في السودان والتجاهل الحكومي المتعمد وذكرت على سبيل المثال حال شاعر الشعب محجوب شريف وتطرقت لحال الشاعر المرهف: محجوب سراج.
هل لي أن استلف عنوان أول مقال منشور لي ولأنقل تحته بعد من هموم هذه الفئة بالسودان حيث يشير بروفسير طه طلعت في ذات الحوار الذي أدارته مع صحيفة ( آخر لحظة ) إلى (( عدم مراكز تأهيل وتطوير مناهج التوظيف، عدم مترجمين كافين للتواصل في بعض الجهات، الاعفاءات والتسهيلات غير واضحة، نشر ثقافة الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة، ومعاناة في عدم الترحيلات الثابتة، الدعم المعيشي لأصحاب الأعمال الهامشية، عدم توفير المراكز الكافية، عدم تعيين معلمين من وزارة التعليم )). ( آخر لحظة: الحوار ).
أسئلة ليست للإجابة :
العنوان الجانبي هذا هو عنوان قصيدة للشاعر المسرحي ( يحي فضل الله ) قام بتلحين كلماتها وغنائها الموسيقار ( مصطفى سيد أحمد ) تذكرت عنوانها عندما انتهيت لهذه الكلمات في حوار صحيفة ( آخر لحظة ) مع نقيب الأطباء السودانيين السابق ومؤسس الجمعية القومية السودانية لرعاية الصُم (( هل سيتكلمون؟ هل سيتعلمون؟ هل سيعملون؟ هل سيتزوجون؟ لم تكن هناك أية إجابات لهذه الأسئلة المؤلمة إذن لم يكن هناك أي شيء تقدمه الدولة أو المجتمع للصم أطفالاً وكباراً )). (آخر لحظة : الحوار).
حكاية الحي الاسطنابولي:
بموقع يوتيوب زيل فيديو منشور بتاريخ 16 مارس 2015م بهذه الكلمات " ( محرم) شاب أصم يعيش في أسطنبول، صبيحة أحد الأيام فوجئ بالناس في الحي يحدثونه بلغة الإشارة. حيث قرر سكان الحى تعلم لغة الإشارة سرًا لمفاجأة الشاب وحتى لا يشعر بصعوبة في التواصل، وتوجهوا لمركز أنشأته (سامسونج) لتعلم لغة الإشارة وقضوا شهرًا في التعلم. وضعت سامسونج الكاميرات لتصوير أول يوم يفاجئ فيه السكان الشاب الذي لم يستطع تمالك نفسه وأنخرط في البكاء " ( يوتيوب : الفيديو ).
حلم :
وبعد ...
قديماً قيل أن الأعمى مفارق الدنيا بينما الأصم هو مفارق الجماعة. وحتى لا يحدث هذا الفراق القصري، أحلم بأحياء سودانية تتعلم طواعية ( لغة الإشارة ) لتآزر مواطنها ( محرم ) السوداني ومواطنتها ( محرمة ) السودانية – إن جاز لي التعبير – على غرار ما حدث في ذلك الحي الإسطانبولي.
وأحلم أن يكون كاتب هذه السطور من بين أولئك الذين سيتلقون تعليماً متقدماً في لغة الإشارة لعلنا نبني معاً جسراً من التواصل الاجتماعي كذلك المشهد الذي رأيته في ختام فيلم إلقاء اللوم على فيديل (La faute à Fidel ) والذي (( .. بدأ بدخول ( آن ) للمدرسة الجديدة وهي تحس بالغربة وسط صخب ممزوج بالفرح لأطفال من الجنسين، وقد شرعوا في اللعب داخل باحة المدرسة، والحقائب الصغيرة تحملها اكتافهم الغضة تتأرجح مع تتدافعهم وهو يتفادون الاصطدام بالوافدة الجديدة ( آن ) التي كانت تبتعد عنهم متفادية الاصطدم. حتى صارت دون أن تقصد بالقرب منها حلقة من الايدي المتماسكة لأطفال في مثل سنها أو أقل وربما أكبر بقليل. وكانت هي العقبة في اكتمال الحلقة ولأن الحلقة كان ينقصها شخص أخير لتكتمل. مدت يدان صغيرتان عن يمينها وعن شمالها لتمسك بها. ترددت ( آن ) قليلاً قبل ان تمسك باليدين وتبدأ الحلقة المكتملة في الدوران وسط ضحك طفولي جميل. ومن ثم جاء ( تتر ) الفيلم كستارة اسدلت على مشاهد الفيلم. )) (( الحوار المتمدن مقال: عن ابنة الأسرة الشيوعية .. عرض لفيلم : إلقاء اللوم على فيديل (La faute à Fidel)
حاشية:
1 . موقع ويكبيديا : لغة الإشارة: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9
2. موقع صحيفة آخر لحظة السودانية: آخر لحظة داخل الجمعية القومية السودانية لرعاية الصم: http://akhirlahza.info/akhir/index.php/joomla-overview/49342-2015-04-06-12-00-11.html
3. موقع اليويتوب: فديو رائع : حي بالكامل في تركيا يتعلم لغة الإشارة لمفاجأة جارهم الأصم , والشاب لا يتمالك دموعه : https://www.youtube.com/watch?v=RwmisCZkbnU
4. موقع الحوار المتمدن: عن ابنة الأسرة الشيوعية..عرض لفيلم: إلقاء اللوم على فيديل (La faute à Fidel ) : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=462843
مزمل الباقر
أمدرمان في 25 أبريل 2016م
Comments