سنعود بعد قليل .. دراما الوجع السوري ( 2 – 3)


            سنعود بعد قليل ..  دراما الوجع السوري ( 2 – 3)



"سنعود بعد قليل" هي لوحة يضعها صاحب المحل ليعلن لزبائنه انه بالجوار حتى لا يذهبوا بعيداً عندما يجدون باب محله مغلقاً. و" سنعود بعد قليل" هي عنوان الدراما السورية التي انتهت حلقات عرضها قبل أيام، حيث قدمت أول حلقة من العمل في عدد من شاشات الفضائيات العربية في رالي الدراما الرمضانية.


العمل انتاج شركة كلاكيت للانتاج الفني ومن تأليف الممثل والمخرج والمؤلف السوري: رافي وهبي. عن الفيلم الإيطالي ( الجميع بخير) بتعاون فني مع الممثل الراحل: نضال سيجري.  ويشارك بالتمثيل فيه – إضافة لرافي وهبي، نفسه - نخبة من نجوم الدراما السورية واللبنانية. تدور أحداث العمل بحواري وبيوت وشوارع مدينتين إحداهما سورية هي العاصمة دمشق. والأخرى لبنانية هي العاصمة بيروت.


في هذا العمل يحاول رافي ان يعالج المشكل السوري من خلال المنظور الإنساني،  من خلال اسرة سورية دمشقية – إن جاز التعبير – ( أو على الطريقة السورية هي اسرة شامية فدمشق عند السوريين هي الشام كما القاهرة عند المصريين هي مصر) تضطرها الأوضاع السورية لأن يتحول وصف أفرادها من مواطنين سوريين للاجئين ببيروت.


هذه الأسرة مكونة من أب هو نجيب ( دريد لحام )، وابنتين هما دينا ( نادين الراسي )، وميرا ( غيدا نوري) اضافةً لأربعة ذكور هم: سامي ( عابد فهد)، راجي ( رافي وهبي )، كريم ( باسل خياط ) و فؤاد ( قصي خولي). وام متوفاة اسمها وفاء ( رداح رجب ). في حين يتواجد الابناء ببيروت يصر الأب على البقاء بدمشق ممارساً مهنته التي تتعلق بالمشغولات اليدوية حيث ان الاب فنان يعمل بتصميم التحف والبراويز.


يرث راجي الموهبة الفنية من ابيه – وكما يقول مثلنا الدارجي بالسودان ( ود الوز عوام ) – مع اختلاف الطريقة التعبيرية للفن حيث ان راجي هو فنان تشكيلي يقضي سحابة نهاره وجل ليله، بين الريشة والألوان صانعاً اللوحات،  مقيماً بإطراف العاصمة اللبنانية.


سامي:- أكبر الابناء حاصل على الجنسية اللبنانية بل وعضو لجنة مركزية بإحدى الأحزاب العلمانية بلبنان      -  ( فضل الكاتب أو لعله المخرج عدم تحديد هوية هذا الحزب او تسميته حيث لا ضرورة لذلك في رأيي) - . متزوج من لبنانية هي حفيدة الزعيم ( لعله زعيم من الناحية الحزبية أو من ناحية الإدارة الأهلية فربما كان زعيم حارة او ضيعة ).

دينا نجيب:-  متزوجة من لبناني يحمل اسم عصام ( بيير داغر ) يعمل بمدينة دبي، وتقيم دينا بمدينة بيروت منذ أعوام طويلة ولها ابنه وحيدة تدرس بالجامعة.

فؤاد:- يعمل في مجال التجارة بين دبي ودمشق، وبعد ان تسارعت الأحداث  بسوريا  وتأزمت. رأى ان ينقل تجارته من دمشق لبيروت ليجعلها بين بيروت ودبي.

كريم :- قدم لبيروت برفقة زوجته  لينا ( سلاف معمار )، وابنه الصغير: شادي ( ورد رافي وهبي)، ليكمل دراسة الماجستر حول وضع اللاجئات السوريات وفتوى الزواج بالقاصرات منهن لدعم الثورة السورية، ولكنه لا يتفرغ للماجستير فقط بل يعمل لدى إحدى المحطات الفضائية اللبنانية في اعداد برنامج يتحدث عن الربيع العربي من تقديم الإعلامية ريم (  كارمن لبس ).

ميرا:- وهي الصغرى في ترتيب ابناء نجيب ووفاء، تدرس التمثيل ببيروت ومرشحة للمشاركة في مسرحية روميو وجولييت لوليم شكسبير. تسكن بشقة مع صديقة لها (  سنتيا كرم ). وتنشأ بينها وبين مخرج سوري شاب يسمى يوسف دنيا (  جابر جوخدار ).


إضافة لهؤلاء هنالك شخصيات أخرى اثرت في صياغ الاحداث، وهذا حال الدراما السورية التي تعتمد - في شيء من التعميم – على البطولة الجماعية في الأعمال الدرامية، حيث أن جميع الشخصيات الرئيسية في هذا المسلسل مثلت من قبل ممثلون هم من الفئة الأولى في تصنيف النجوم ( دريد لحام، باسل خياط، سلاف معمار .. الخ الخ).


لن اتحدث عن احداث ( سنعود بعد قليل ) بشيء من التفصيل حتى لا أفسد متعة المشاهدة على من فاته متابعة احداث هذه الدراما في شهر رمضان المنصرم. ولكني افضل ان احدثكم اعزائي القراء عن ما اعتمل بصدري بعد مشاهدة العمل، كإنطباعات لمشاهد عاشق للدراما السورية ويحاول ها هنا ان يتحدث عن هذا العمل بشيء من الحيادية.


مع أو ضد .. وربما : بين بين

فيما يمثل العم نجيب .. المواطن الذي يرى من الحكمة امهال النظام السوري ويرى ان بشار الأسد قادر على احتواء المشكل السوري ... يمثل العم فاروق( عمر حجو ) المواطن الثوري الذي ينحاز ببديهية لابناء شعبه في نضالهم لنيل حقوقهم المشروعة في وجه نظام بغيض هو نظام بشار الأسد.

وكما الاب – العم فاروق-  نشأ الابن فخرج للشارع مع الشرفاء ليعتقل من قبل زبانية النظام. ليظل العم فاروق يتسقط اخباره في كل عفو يصدر من قبل النظام ليجد أن العفو قد شمل اصحاب الجرائم ولم يشمل المعتقلين السياسيين فيقول في لحظة ضعف لصديق عمره وجاره العم نجيب بأنه تمنى لو كان ابنه من اصحاب الجرائم حتى يفرج عنه فينبهه العم نجيب لأن لا يتمنى ذلك وأن العفو سيصدر قريباً عن كل المسلحين وهنا تثور ثائرة العم فاروق ويصف العم نجيب بانه يتحدث مثل إعلام النظام وهؤلاء ليسوا بمسلحين وإنما ثوار ويطالبه بأن يصف الاحداث التي تجري بسوريا بأنها ثورة وإن لم يفعل فإنه سيقاطعه حتى الممات فيضطر العم نجيب لأن يصف ما يحدث ببلده بأنه ثورة!.

نظراً لعمل العم نجيب المتواصل بمشغله فإن المواد اللاصقة التي يستخدمها في عمل التحف والهدايا، تتسبب في حدوث مشاكل صحية لديه، يظن أحد الاطباء بدمشق في وجود خلايا سرطانية برئتيه فينصحه بأن يغادر لبيروت لأن الأحداث بسوريا القت بظلالها على الخدمات الصحية فيأبى العم نجيب – في البداية – ان يسافر لبيروت فهو يخجل في ان يحمل حقيبته خارجاً من الحارة في سفر خارج سوريا ويفضل ان يبقى ليجابه ما يجابهه بقية السوريين الذين لم يغادرو الأراضي السورية. ولكن تحت الحاح الطبيب يقرر السفر بعد ان يشترط عدم معرفة ابنائه بمرضه.

رغم ان العم نجيب اراد ان يفاجئ ابنائه بحضوره لبيروت، مستعيناً بالنرد لتحديد وجهته في زياراته العائلية تلك ومستخدماً كاميراته الصغيرة لأخذ لقطة فوتوغرافية توثق للحظة الدهشة الأولى كلما التقى بأحد ابنائه. ولكنهم نجحوا في اخفاء مشاكلهم الزوجية والمعيشية عنه كي يبدو ( الجميع بخير ) أمام الأب.

            وكما حدث للسوريين بداخل الحارة السورية من اختلافٍ في الرأي حول المشكلة السورية: البعض ضد النظام والبعض مع النظام وفرقة ثالثة بين بين . تحدث نفس هذه الاختلافات داخل الأسرة الواحدة ولعل جانب من الحوار الذي دار بين العم نجيب ولينا زوجة ابنه كريم في حضور الأخير، هو خير شاهد على زعمي:





لينا: ( مو بس قصة زحمة عل الحدود .. الشام مليانه حواجز .. متحولة البلد لفرع امني كبير .. المواطن كل الوقت حاسس بتهديد أنو متهم حتى لتثبت براءئتو  .. والقاضي هو عبارة عن عسكري واقف على ها الحاجز .. كل ما يكون خايف اكتر بصيرو الناس بخافو منو اكتر).


نجيب: ( والله يا عمو لما يتفقد الأمن والأمان يصير الكل بخاف من الكل )


لينا: ( والله يا عمو .. الامن والامان كانو وهم .. هو كلو عبارة عن حيط عمرو  النظام  لحتى يمرق اللي بدو ياه.. سرقة.. نهب .. فساد.. قمع .. استبداد .. وما حدا مسترجي يفتح تمو)

كريم: ( ومع هيك بس كنا عايشين )


لينا: ( نحنا كنا عايشين والميسورين كانو عايشين .. بس الناس البي القرى ..كيف عايشين؟  اللي بالمحافظات النائية المهملة اللي فجأة لقت ولادا .. بواجيه بشوارع الشام و قراسين بمطاعم الخليج ) 


بنهاية هذا المشهد اطوي الصفحة الثانية من صفحات الوجع السوري درامياً .. على ان اواصل لاحقاً بإذن الله، الصفحة الثالثة والأخيرة من حديث عن الدراما السورية ( سنعود بعد قليل ).


Comments