من اين ليك هذا يا فاطمة؟
من اين ليك هذا يا فاطمة؟
فرغت قبل قليل من النسخة الإلكترونية للمجموعة القصصية : كرباج ورا، للأديبة فاطمة العريض. وحدث تعديل بسيط كنت اقول لنفسي ان اكثر أديبة مصرية قرأت لها هي سلوى بكر سأقول مستقبلاً سلوى بكر وفاطمة العريض.
الأمر ليس اضافة اسم جديد لقراءاتي ليس بهذه البساطة والسطحية، بما انني قد تربيت ككثير من ابناء جيلي على ما يكتب بمصر ونشأت بجوار قراءتي لمجلة الصبيان والباحث الصغير المحليتين، في صغري قرأت لعبد الحميد جودة السحار ولمحمد عطية الابراشي، ثم قرأت لمحمود سالم المغامرين الخمسة والشياطين الطلطاشر ومررت على نبيل فاروق وبعد العاشرة تعرفت على مجلة العربي فقرأت فيما قرأت لمحمد ( اس ثلاثة) محمد مستجاب، محمد المخزنجي، محمد المنسي قنديل، ثم انتقلت لصنع الله ابراهيم وما ادراك ما صنع الله ابراهيم وتعرفت في وقت باكر على تجليات الغيطاني ومن ثم سلوى بكر هذا غير الكتابات الصحفية فمجلة روز اليوسف وصباح الخير لا تفارق مكتبة خالي وامي تملك مكتبة من مجلة حواء. وها انا ذا انضم لقراء فاطمة العريض متأخراً بعد الشيء.
في هذه المجموعة القصصية وجدت ان قصص فاطمة العريض كتغريداتها على تويتر بسيطة لكنك لا تستطيع ان تقلدها أليس هذا ما يسميه النقاد بالسهل الممتنع؟ واجدني استلف تعبير شاعرنا الكبير الراحل المقيم عمر الطيب الدوش عندما صدح فنان افريقيا الأول محمد وردي ( رحمه الله ) بقصيدته: الحزن القديم، استلف تعبير الدوش لأن الكلمات تخرلنا احياناً عندما تلجمنا الدهشة يقول الدوش: ( وامتع نفسي بالدهشة) اذن فهي دهشة ممتعة تبقى في نفسه كالثمالة حينما تفرغ من هذه المجموعة.
لن أتحدث عن المجموعة كنص شاعري ولكني اود ان اوضح انني اثناء قراءتي لهذه المجموعة تذكرت احداث مرت بي شخصياً تماثل بعضاً مما جرى من احداث لأبطال هذه الاقاصيص. وإن كنت قد تبادلت الأدوار مع الابطال فأجدني مكان بطلة ( ورقة بيضاء) حتى انني انتهيت إلى ما انتهت إليه. غير انني اعجبت كثيراً بمشهد الحي في بداية ( رقب الحمام) تبتديء القصة بهذا المشهد: ( الحي واسع مزدحم، تتشابك بيوته في حنان بالغ. يميل احداهما على الآخر في عناق ابدي لا فكاك منه إلا بالانهيار إلى العدم. الشارع طويل ملتوٍ.. تعيش على احفته السيارات والباعة والبضائع في ألفة ونظام متناثر. الصباح صاحب حيوي، وجه فلاحة صبوح لونته شمس الصحة.. مليء بالاصوات والحركة، نشيط لم تمتد للحي بعد يد الغنى لتسمنه وتتركه مترهلاً خاملاً لا حياة فيه).
ايضاً مما عن لي في قراءتي ان العامية المصرية المحببة تظل حاضرة في غالبية القصص ان لم يكن في كل الصفحات، ولعل الملاحظة الثانية التي هي جديرة بالذكر ان المجموعة القصصية – محور هذا المقال – تحكي عن احداث معاصرة فبطل ( عزف الكتروني) يدخل يومياً – ان لم يكن طول اليوم – على مواقع الشات لتسلية نفسه بمؤانسة الفتيات. وبطلة ( رسالة قصيرة sms) تعيد حبيبها لمداره بالرسائل القصيرة. و( رسالة قصيرة) وهي خاتمه المجموعة القصصية والقصة رقم عشرين. تحكي هذه القصة عن علاقة تتكرر كثيراً في مجتمعاتنا الشرقية وقد تكون متكررة في المجتمع الغربي وهي ظاهرة الشاب الذي يتعلق بإمراة متزوجة هي تنظر إليه كصديق تبثه شكواها وتنصبه مستشاراً لحل مشاكلها الزوجية ثم تتطور العلاقة فيقع في حبها ويظل هو شخصية الظل في علاقة زوجية والزوج هو حتماً اخر من يعلم هذا إذا علم اصلاً وإن كانت علاقة هذا الشاب بتلك المرأة هي علاقة مؤانسة دون ان تتطور إلى علاقة جنسية فلا يمكن ان نحكم عليها بالعلاقة البرئية.
انتهى حديثي عن المجموعة ولم ينتهي تأثري بها فبكأسي بعض من ثمالة الدهشة الممتعة على حد تعبير استاذنا عمر الطيب الدوش. فمن أين ليك هذا الابداع يا فاطمة؟.
مزمل الباقر
الخرطوم بحري في 24 اكتوبر 2012م
نشرت بصحيفة البداية المصرية
Comments